Quantcast
Channel: رفــايّـــع
Viewing all 760 articles
Browse latest View live

الرقة ل دافيد فونكينوس

$
0
0

رواية: الرقة
تأليف: دافيد فونكينوس
ترجمة: كامل عويد العامرى
عدد الصفحات: ٢١٤ صفحة
اصدارات المجلس الوطنى للثقافة و الفنون و الاداب ضمن سلسلة ابداعات عالمية
التقييم: ٥/٥

من الوهلة الاولى التى يقابلك فيها غلاف الرقة البنفسجى الخالى من الرسومات بمساحات شاسعة من الفراغ حتى تدخل فى وضعية الهدوء و ما ان تجذبك الجهة الخلفية من الكتاب لتقرأ تلك النبذة الصغيرة عن العمل و التى تبشرك ب "تقنيات سرد عجائبية"و "تقنيات السينماغرافية"و "اللحمة السردية"حتى يقابلك الخوف من تلك الرواية الصغيرة و تخشى ان تحمل عمل صعب معقد

لكن اسفل تلك القطعة الوصفية يجتزء المحرر جزء من النص يختار فيه البطل ماذا يطلب فى لقائه الاول هل عصير ، شاى ، ام قهوة .....و بمجرد ان ترى بعينك هذا السرد العجائبى فعلا ستتوجه لدفع ثمن الكتاب بقلب مطمئن انك ستقضى وقت رائع

و لن تخذلك بالفعل ، فكل حوارات النقاد عن التقنية و السرد و البناء الدرامى و كل تلك "الحذلقة"التى يكرهها القارئ العادى لن تمنعه ابدا من الاستمتاع بقصة بسيطة حالمة تحمل كثير من الحب و الرومانسية

فرانسوا ، ماركوس ، تشارلز ...ثلاثة رجال حول امرأة واحدة : نتالى ، وضع تقليدى يتحول لوضع غير تقليدى على الاطلاق بفضل براعه دافيد الذى استطاع ان يجعل شخصياته شفافة كالزجاج -فى وضع مشابه قليلا ل شخصيات العظيم ميلان كونديرا- لتلقط حوارتهم النفسية الغريبة الداخلية و رؤيتهم لانفسهم و للكون متداخل من حولهم

لكن ما سيثير دهشة القارئ حقا -و ما اعطى القصة وزنها النقدى- هى تلك الاضافات الصغيرة العبقريه التى يضعها بين الفصول ...فاذا تناول البطل حساء ما فى فصل فاعلم ان المؤلف سيبلغك فى ملاحظته الذكية الصغيرة خطوات طبخ الحساء !! ، و اذا تمنت نتالى ان تسير يوما على قدميها الى مدينه اخرى ، فالمؤلف سيخبرك بعدد تلك الخطوات ، و اذا قابلت شخصية ثانوية فى مشهد ما فلا تتعجب اذا اخبرك فى ملاحظة لاحقه عن برجه  او طريقته اختياره لملابسه، و ان صرح تشارلز مره بانه مصاب بالحساسية فتوقع ملاحظة اخرى ذكيه عن الحساسية فى العالم و احصائياتها

لا يقف الامر على متعتك بتلك الملاحظات الذكية و رسم الشخصيات بشكل محقق كأنك تلمس تفاصيلها بيدك بل انتظارك و شوقك لها و تساؤلك عن اى حدث صغير قرأته فى الفصل ستسلط عليه الاضواء لاحقا

عنصر الابهار هنا لا هو لغة مختلفة ولا تغيير جذرى فى البناء الدرامى نفسه بل مجرد حليات صغيرة حولت قصه فرنسية حالمة و رقيقة لما هو اهم و اعمق

دينا نبيل
٢٨ يناير ٢٠١٥


بيت الياسمين ل ابراهيم عبد المجيد

$
0
0

رواية: بيت الياسمين
تأليف: ابراهيم عبد المجيد
عدد الصفحات: ١٦٠ صفحة
اصدارات دار الشروق
التقييم: ٣.٥ / ٥

انها رحلة اذن ، قرر عبد المجيد ان يصاحبنا فى رحلة المدعو "شجرة محمد على شجرة"الذى نما و طال فى مساكن بلدية كوم الشقافة حتى اعتقد صاحبه انه سيكون شجرة بحق فتخرج منه اوراق و ظلال للعصافير و يقذفها الاطفال بالحجارة

رحلة برفقة رئيس مصر الثالث و لو بشكل غير مباشر ، فترى زيارات رسمية بعيون العامة فعندما يهتم المحللون بتفسير زيارة نيكسون تكون الاشاعات فى المدينة عن المارينز يوزعون الدولات فى المنشية ، و ان طائرات الهليوكوبتر تلقى بأجولة الدقيق الفاخر فى مظلات من الحرير اليابانى ، و عندما تصعد البورصة تأثرا بالزيارة او يفسر الاقتصاديون الاثر البعيد يكون المواطن المصرى مستعد لبيع ذلك الدقيق المتوقع و الاستفادة من المظلات صانع من اياها سوتيانات و كليوتات لانها من دودة القز !!
************
لماذا تميزت "بيت الياسمين"رغم صغر حجمها و تنافسها مع اعمال عبد المجيد الاخرى؟ ان شئت السؤال فاجابتى انها جمعت بين ٣ عناصر مختلفة فى تناغم شديد

الاول هو واقعية القصة ، ف "شجرة"مواطن موجود فى تلك الحقبة بالفعل و ربما يتغير اسمه الان لكن المحروسة لا تخلو منه ... موظف القطاع العام الذى تهيأ لجمع مظاهرات النظام هى وظيفة ان بحثت فى برديات الفراعنه حتى قد تجد لها نظير

الثانى هو رمزية و ساحرية "فيلا الياسمين"ذلك البيت الغامض الذى لا  يضيف بهاء رائحة اشجار ياسمينه سوى جمال الفتيات الساكنات به ، المختفيات وراء الستائر السميكة و تقاليد العائلات

اما الثالث فالعبثية التامة و تلك القطع الصغيرة الحافلة بالخوارق و الجنون و القاء المنطق من الشباك فى بداية كل فصل ...لتجد جثة تعود للحياة ، و كلاب تنطق بسقوط الامبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس ، و طيور تخطف الاطفال النورانية ، و واعظ يلقى فى مساجد الاسكندرية خطبة جمعة يدعو ل الناصر قلاوون ، و مدير مدرسة يصر على التدريس ليلا للمقاعد الخاوية

تتضافر الواقعية و الرمزية و العبثية معا فى تلك الرواية قليلة الصفحات مكونة عمل استطاع ان يجد نفسه وسط زحام اعمال مؤلفه الرائعة الاخرى

دينا نبيل
١ فبراير ٢٠١٥

هاتف المغيب ل جمال الغيطانى

$
0
0

اسم الرواية: هاتف المغيب
تأليف: جمال الغيطانى
اصدارات دار الشروق
عدد الصفحات: ٣٠١ صفحة
التقييم: ٤.٥ / ٥

احيانا تصدمك عدم شهرة كتاب رائع ، هاتف المغيب التى ضمت تحت تصنيف فانتزيا ادب الرحلات على الرغم من الشهرة -غير المستحقة- ل الخيميائى باولو كويلو التى تقع تحت نفس التصنيف ... كيف تغيب هاتف المغيب عن الردار الادبى بينما تبزغ اعمال اقل اتقانا ك رحلات ابن فطومة للرائع نجيب محفوظ ، و الاهم كيف تنتهى كتابة تلك الرائعة عام ١٩٩١ و تظل قيد النسيان كل هذا الوقت؟!

هاتف المغيب التى قد تفهم على اكثر من مستوى و ربما ذلك مصدر قوتها ، قد يدركها قارئ رحلة شرقية بروح الف ليلة و ليلة و عجائبية سيف بن ذى يزن و خوارق الهلالى سلامة ، و يدركها قارئ اخر اسقاط سياسى ل شعب موازى امضى سنين عمره كله يحول الحكام الى البشر الى انصاف الهة و الحكام الى الهة كاملة ، و يدركها قارئ ثالث ك تجلى اخر صوفى/فلسفى للغيطانى يستغل قالب الرحلة ليضعها فيها خاصة الاجزاء الاخيرة ، و قارئ رابع و خامس...الخ

من مساجد القاهرة و عبير اضرحة الاولياء يطلق احمد بن عبد الله فى رحلته العجائبية الطويلة الى مغيب الشمس ، ما الهدف؟ لا يعطى لنا الغيطانى تفسير بعينه ربما لان الامر لا يهم فالهاتف يأمر ولا يناقش ...من ذلك الدفء ننطلق الى مدن ينقلب رجالها الى نساء و نساءها رجال ، الى واحات لا يزيد عددها ولا ينقص بحمل احدهن يعنى استعداد شخص للذهاب ، الى مدن تموت بموت شجرتها ، و عطر توازى القطرة منه مئة دينار ذهبى ، و ابتسامة ابدية تزرع على الوجه

تعاويذ يجب ان تتلى ، قصص ممنوعه من الحكى ،قبائل منبوذة على حدود مكروهة ، و نجوم ينتظرها المسافر لتلمع معلنة حدوث انقلاب احوال الكون

فى عمل يجمع بين الفانتزيا ، السحر ، الصوفية ... يجمع بين تلك العناصر قلم الغيطانى يصنع رواية تسحر القارئ و تفاجئ الناقد و -الاهم- تثير الخيال.

دينا نبيل
٢ فبراير ٢٠١٥

سكر مر ل محمود عوض عبد العال

$
0
0

اسم الرواية: سكر مر
تأليف: محمود عوض عبد العال
عدد الصفحات: ١٧٥ صفحة
اصدارات الهيئة العامة للكتاب
التقييم: ٥/٤

انها "سكر مر"التى حيرت النقاد حتى الان !

فمنهم من نزل بها لحد التسخيف فجعلها نسخة ممصرة مبسطة من عوليس جويس و فنار فريجنيا و ميرامار محفوظ و عبثية بيكتب و نسب سوداويتها و تيه ابطالها الى ظروف النكسة -الرواية كتبت عام ١٩٦٨ و صدرت نسختها الاولى عام ١٩٧٠- و فقط ، و منهم من رفعها لمنصة التتويج ك ثورة فى التكنيك و الاساليب المعاصرة بل و دشنها بداية انطلاق للرواية العصرية

و ربما الحقيقة هى بين ذاك و ذلك غالبا ، الرواية تستغل بالفعل ما سمى فى ذلك العصر نموذج القصة العصرية و اكثر من التقنيات التجردية و بلغ مجهوده متنهاه ان يجمع شتات كل هذا التجريد و العبثية و القصاصات الى ما يمكن ان نطلق عليه رواية او نوفيلا بالفعل

سكر مر -التى يصعب حتى تحديد موضوعها - تدور عن الشاعر ابراهيم زنوبيا الساكن فى عمارة انيقة فى الاسكندرية و هو شخصية متعددة المستويات فهو شاعر فاشل و مدرس لتحسين دخله و موظف بشركة الطيران لاتقانه للغات ، تبدأ الرواية ب زنوبيا يعد الشاى فى مكتبه لتنتهى بارتشافهل ذلك الشاى و بين هذا و ذاك يصمم لنا محمود عوض عبد العال روايته بتفاصيلها المعقدة و تكنيكه المرهق

حتى الحوار يكسب صيغات تجردية اقرب للشعر الحديث و هو يبدأ و ينتهى دون مقدمات و على القارئ ذاته ان يستشف مغزاه و المطلوب منه و هو كثيرا ما يخرج عن موضوع المشهد مجسدا تأملات مشتتة
**********
(نامت الكتب المزيفة الى الابد ، علبة صغيرة موضوع عليها قفل سرى لا يفتحه الا خبير ، لافتة فى زاوية مجلة ...السيجارة عصبية المزاج بلا مقومات...السؤال امامه...لا..نعم..لا...نعم...الرفض ابو اللحظة السعيدة ، جبل الليمون انشق و اخفى سر العلبة ، الشاعر المجنون وقف عاريا فى نافذة تطل على حديقة الكلاب و قال: يا كلاب انا كلب...يا كلاب انا كلب..مرارا و تكرارا)
**********
الشاعر -الفاشل- زنوبيا الذى يحلم بان يتوج كأمير مطلق للشعراء يهدف الى تأجير "الغرفة الجوانية"التى أجرت ل سارق و ل زانى و تاجر مخدرات و كل مره ينتهى الامر بفضيحة ما يرسى العطاء على "عصام الترجمان"طالب كلية العلوم الذى تنتهى مراقبتنا له باكتشافنا انه جاسوس لاسرائيل !

و هنا استعير برأى دكتور عبد الحكيم حسان ان من الظلم الحكم على العمل ك عمل تقليدى و ندعها ك رواية اخرى عن الجاسوسية لنصطدم بمبادئ النقد المسلم بها

و شخصيات اخرى اقل تجسيدا و وضوحا ك ناهد عشيقة عصام و شريكته فى الجريمة ، مسيو نانا الجرسون اليونانى الذى يبحث عن قبر الاسكندر ،ماجدة سمك  تلميذة زنوبيا الصغيرة التى يشتهى
**********
( سلالم العمارة مدهونة بالقار اللزج ، الهموم؟...صاروخك الحافى نعمة العصر يا عم ..عطاء فائض...بناء مرتفع معقد...صفحة الفن ، الوفيات ، اعلانات مبوبة ...وظائف خالية...مطلوب راقصة بالية لتمثيل بعض المشاهد الاستعراضية بشرط ان تجيد الغناء و العزف على البيانو ...مطلوب صيدلى متفرغ ليل نهار...شاب او انسة او انستان معا لعمل خاص...مطلوب جراچ عربات كارو فى حى الاربعين )
**********
ذلك النوع من الروايات صغيرة الحجم التى تأتى للقارئ بمجلدات لشرحها فتجد دراسات عن التكنيك و القالب و الاساليب النفسية و التجريد و التصاعد الدرامى و تيار الوعى الموحد و النهايات المبتورة ...و كل تلك المصطلحات التى تثير رعب القارئ العادى بل و تبعده عن العمل احيانا ...

و يكفى ان اصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب الذى امتلك نسخته الورقية النادرة تحمل ٣ مقدمات مختلفه ل٣ من النقاد ك محاولة لسبر اغوار و تحليل تلك النوفيلا الصغيرة

الروايات التى اطلق عليها يوما "الرواية الحديثة"التى لسبب ما لم تكمل فى طريق صعودها المتوقع و الذى تحمس له النقاد كثيرا وقتها و حدثت انتكاسة رجعت بالرواية عموما العربية و العالمية الى مدرستها الكلاسيكية و جعلت تلك الرواية الحديثة استثناء لا قاعدة حتى بعد مرور نصف قرن

دينا نبيل
٨ فبراير ٢٠١٥

حكايات المؤسسة ل جمال الغيطانى

$
0
0

اسم الرواية: حكايات المؤسسة
تأليف: جمال الغيطانى
عدد الصفحات: ٣١٩ صفحة
اصدارات دار الشروق
التقييم: ٥/٣

من غلافها الاخضر الامامى  اللامع تزينها لوحة لقدير التراث و المتمكن من صناعة الجديد من القديم: حلمى التونى ...و من كلمات دكتور فيصل دراج المقتبسة من كتابه عن نظرية الرواية العربية عن اعمال الغيطانى عن "عدم ترحيل الماضى الى الحاضر ولا الحاضر الى الماضى بل يتكون فى زمن مغاير و متنام خاص به" ...تعدك حكايات المؤسسة-بكل تلك الادوات مضاف اليه اداة اسم الغيطانى نفسه- بأكثر من الكثير

و لا تخذلك بالفعل... يصنع الغيطانى بطريقة مختلفة تلك المرة عمل رائع

ناقشنا من قبل اسلوب الغيطانى فى تحويل عمل درامى عادى الى تحفة فنية فى "رسالة الوجد و الصبابة"باستخدام اقدم اسلوب و ابسطه الا و هو سلاح اللغة ، لغة متقنة مختلفة جزيلة رفيعة استطاع الغيطانى بها ان يفعل الصعب...هنا يلجأ الغيطانى الى جرابه الادبى ليستخدم سلاح الغموض

قصة تبدو فى ظاهرها تقليدية عن شركة ناجحة و مغامرات مديرها فى مجتمع يتغير من الملكية الى الجمهورية و من الاشتراكية الى انفتاح السداح مداح ....كانت لتبدو كذلك اذا صاغتها يد غير يد مؤلفى المفضل مولانا جمال الغيطانى ، كانت لتبسط و تسطح الى ذلك الحد بدونه

لكن الغيطانى يضع من الصفحة الاولى عوامل الغموض و السرية بل و يترك بعض الميتافزيقا بدون تفسير ...تقول الاسطورة ان الملك ميداس ما ان يلمس شئ حتى يتحول لذهب ، الغيطانى فى حالتنا تلك كل ما يلمس يتحول الى غموض

هوة سحيقة بلا قرار ، مراسم لتولية الخليفة الادارى القادم ، بن محوج يسحر الالباب ، اعتراض ب٧ خطوات تعطل العاصمة ، نظام يدرس فى اكاديميات العالم يتعبه بالضرورة فساد و انحلال يدرس ايضا ، الدكتور قلقاسة يمسك البليب ....يدور بنا الغيطانى فى عالم ثلاثى الابعاد يصممه لنا بقوانينه الخاصة ، يطلقنا لندور فى مداره

لشخصيات الغيطانى طعم خاص فكل منها دقيق التفاصيل ، تمتلك احلامها و افكارها و طريقة حديثها و خططها المستقبليه....و مخاوفها

فى جو من السحرية فى البداية يتحول ل كابوسية فى نهايتها يصنع لنا جمال الغيطانى "المؤسسة"بكل ما فيها من حكايات

دينا نبيل
١٠ فبراير ٢٠١٥

بطل هذا الزمان ل ميخائيل ليرمنتوف

$
0
0

اسم الرواية: بطل هذا الزمان
تأليف: ميخائيل ليرمنتوف
عدد الصفحات: ٣٥٥ صفحة
اصدارات دار رادوغا
التقييم: ٥/٤

حين نرى مؤلفنا يروى لنا ان جيل "الثلاثينات"و عيوبه و رغبته فى صنع عمل غير تقليدى عن هذا الجيل يفاجئنا ان هذا العمل يدور فى حقبة ١٨٣٠ و ليس فى نظيرتها فى القرن العشرين ... من الغريب ان تدرك ان رغبة المؤلف العارمة فى كشف عيوب و كوارث هم لشباب عاشوا من قرنين من الزمن

النقطة التالية التى لعلها نقطة شهرة الرواية هى اصرار ليرمونتوف على تصميم نموذج البطل غير الكلاسيكى على نقيض البطل (المغوار ، الطيب ، الصادق ، الشجاع ، المحب ، الفارس) المعتاد فى اعمال الادب العالمى و قصص حب المرهقات يتكون -حتى فى هذا العصر السحيق- نظرة مغايرة لبطل مصمم على التململ بديل عن الاستقرار ، الخداع و الكذب  لا الفروسية الشجاعة  ، الشهوة قبل الحب

و من طريقة السرد الحديث نراقب التطور فى ذلك الادب البعيد زمنيا فينقسم بين الراوى كشخصية بعيدة عن الاحداث تراقب و تستنتج و بين طريقة المذاكرات التى تكشف لنا خبايا الروح و النوايا للبطل دقيق التفاصيل و التصميم...و تقسيم الاحداث الا زمنى

و ربما يجب دراسة تقدم و نضوج الادب الروسى بهذا الشكل فى وقت غرق الادب العالمى فى نمطيته و ملله و قوالبه الجامدة

الامر يتعدى الفكاهة ان اناس عاشوا على وجه هذا الكون منذ قرنين يتخيلون فى انفسهم الشر المطلق ، بل ان الوجة البائس فى الامر ان مؤلفين عصرنا نحن مازالوا غير قادرين على صنع ذلك او بالاحرى اعادته و نكوصنا عن ذلك التطور

قال رفيق الدرب مرسيا الياد رائد الانثربولوجى و حامل مشعل المعرفة امامى ان الامر لم يكن "بسيط"ابدا و ان حتى ذلك الانسان البسيط الذى ادعينا انه بدائى كان بدوره يبحث عن عالم ابسط اقدم ، متخيلا  ان الخير كان بين يديه و اضاعه ....الان اعتقد ان النوستلجيا نفسها تخدع و لكن لهذا قول أخر

و ربما الدافع الى قراءة "بطل من هذا الزمان"هو عادة تلك الاقتباسات الذكية الملمة التى تقابلنا قبل اطلاعنا على العمل...فتجد مثلا اقتباس ك:

"لم استطع ان احبس نفسى عن الابتسام حين تذكرت ان قدامى الحكماء كانوا يتصورون ان الكواكب تهتم بخصومات البشر التافهة على قطعة من الارض او على حقوق موهومة ، ان هذة المصابيح التى كانت تنير لما يدور بينهم من خصومات و ما يحققونه من الوان النصر ما تزال مع كذلك تضئ ببريق لم يتغير مع ان امالهم و اهواءهم انطفأت معهم ك نار اوقدها على طرف الغابة عابر سبيل لا يبالى"

مجرد التأمل فى تلك الافكار التى كتبت فى ثلاثنيات القرن التاسع عشر و مدى ملائمتها لتفكيرنا الان و ابدا وحده يثير الاعجاب

ربما لم يعد يعنى احد فشل ثورة النبلاء عام ١٨٢٥ الان ، ربما فقدت تلك الثورة المجهضة اهميتها التاريخيه لكن تصوير ليرمنتوف لفكرة الشباب المحبط فاقد الامل و الحماس ...ان تعيش فى "عصر تحطم فيه كل قديم و لم يظهر فيه بعد الجديد " ...فتفقد مسلماتك القديمة دون ان تكون حقائق جديدة

ربما ليرمنتوف لم يكتب بطل لزمانه فقط ..

دينا نبيل
١٤ فبراير ٢٠١٥

قصة الحضارة ١٦: روما ٣

$
0
0

اسم الكتاب: روما ٣ -العصر الامبراطورى...المجلد السادس عشر من قصة الحضارة
تأليف: وول ديورانت
ترجمة: محمد بدران
عدد الصفحات: ٢٩٣ صفحة
اصدارات دار نوبليس
التقييم: ٥/٥
المجلد يوازى المجلد العاشر من مجلدات دار الجيل و مكتبة الجامعة العربية

لم تعد روما التى عاشرناها طويلا جمهورية ولا محاطة بالثورة و الثوار ...سادت الزعامة الموقف لتتكرر الدائرة التاريخية الشهيرة ، كثيرا ما ضحت الأمم بالديموقراطية و بقواعد الدستور و القانون حين تمزعها الفتن و تنتهى باختيار حاكمها الاوحد ...احيانا ترجوه ان ياخذ منها الحرية و صعوبات الاختيار و تهلهل الغوغاء ليرحمها من التشتت و تستمتع بالراحة و الأمان  ، و عادة ما يكون ذلك الحاكم الاول معجزا قادرا على تحمل تلك العقبات ....ان لم يكن قيصر فيكون اغسطس

من عام ٣٠ ق م الى عام ١٤ م....كانت مواهب اغسطس هى الحاضرة  فى السياسة، كانت فرچيل و ليفى و اوفيد هم الفن ، فترة لم يستطع المؤرخون الا ان يطلقوا عليها العصر الذهبى

اغسطس الذى لم ينقذ الرومان من احلام انطونيوس و مطامع كليوباترا فقط بل انقذها حتى من ديموقراطيتها و مؤسساتها الزائفة ...فجمع القضاء و العسكرية و الملكية -بكل خصائصه الا الاسم- و الحكم فى يد من حديد ، لتبدأ سلسلة طويلة من التهميش لمجلس الشيوخ

عهد ما بعد الحرب الذى لا يحمل فقط الرخاء للنفوس المتعبة بل يحمل ايضا المال الى الخزانات المرهقة ...و بسياسة اغسطس الاقتصادية بجمع بين الامان و الضرائب و حرية التجارة استطاعت انعاش الامبراطورية التى كادت تمزقها الثورات و الحروب

نعم مزق الرجل حياته الشخصية غير المستقرة و تمسكه -بل و تزمته- ناقض الحرية لبنات بيته ... و نعم مات اغسطس تعيسا متخيل انه فشل فى مسعاه و لم يدرك قط انه انجح من حكم الامبراطورية و ان الحلم صار ان تعاد تلك الايام فقط
********
و كعادة التاريخ معانا : تتنازل الشعوب عن حريتها لاجل ملكية ناجحة...لكن الاخيرة لا تدوم ليأتى الجيل الثانى من الملوك محدودى الامكانيات ، لتعيش روما كما عاشت شعوب كثيرة ما اسماه ديورانت: الوجة الأخر من الملكية

لتقرأ تاريخ تيبيروس حاكم مخلص فى البداية يفقد عقله فى النهاية لينتهى الامر بانفاسه تختنق بوسادة، كاليجولا المخبول الذى اثرى الادب و الهم المؤلفين كمثال اعلى لجنون السلطة ، و كلوديوس مؤسس الروتين الرومانى بما فيه من ملل و رشاوى لينتهى بالفطر المسموم ، ليتبعه نيرون القلق الذى عشق الغناء و الرياضة و اليونان و ما كره الا روما و الرومان و اللاتينية ل"يشعل"الخلاف التاريخى الشهير عن مسؤوليته عن حريق روما الاكبر  لينتهى منتحرا بمساعدة اصدقائه ، و اباطرة ثلاث فى نفس الوقت لتشتغل حرب اهلية قصيرة لتسحل قتلى الملوك بخطاف فى شوارع روما ، و دومتيان الامبراطور الذ عشق ان يكون اله فلا يخاطب الا ب"سيدنا و الهنا"ليقتل هو الاخر !

فترة من تاريخ روما و بالتالى العالم القديم شهدت التوسع و السلم الرومانى الشهير ...لكن ملوكها تعساء و قتلى و انصاف الهة اعلى من القانون ، ليحل الجيش و الحرس محل مجلس الشيوخ فى اختيار الحاكم القادم

تلك الفترة من ١٤ ل ٩٦ م التى اطلق عليها رغم كل شئ : العصر الفضى ، لترجع للفلسفة بعض من توهجها القديم و تتقدم العلوم  بعض الشئ و يلمع الفن

لينقلنا ديورانت الى المجلد ال١٧ بنبؤة تولى البلاهة عرش روما لتتمزق غشاء النظام الرقيق و يتحطم الحكم النبيل المزعزع الذى شادته عبقرية أغسطس

دينا نبيل
١٧ فبراير ٢٠١٥

قصة الحضارة ١٦: روما ٣

$
0
0

اسم الكتاب: روما ٣ -العصر الامبراطورى...المجلد السادس عشر من قصة الحضارة
تأليف: وول ديورانت
ترجمة: محمد بدران
عدد الصفحات: ٢٩٣ صفحة
اصدارات دار نوبليس
التقييم: ٥/٥
المجلد يوازى المجلد العاشر من مجلدات دار الجيل و مكتبة الجامعة العربية

لم تعد روما التى عاشرناها طويلا جمهورية ولا محاطة بالثورة و الثوار ...سادت الزعامة الموقف لتتكرر الدائرة التاريخية الشهيرة ، كثيرا ما ضحت الأمم بالديموقراطية و بقواعد الدستور و القانون حين تمزعها الفتن و تنتهى باختيار حاكمها الاوحد ...احيانا ترجوه ان ياخذ منها الحرية و صعوبات الاختيار و تهلهل الغوغاء ليرحمها من التشتت و تستمتع بالراحة و الأمان  ، و عادة ما يكون ذلك الحاكم الاول معجزا قادرا على تحمل تلك العقبات ....ان لم يكن قيصر فيكون اغسطس

من عام ٣٠ ق م الى عام ١٤ م....كانت مواهب اغسطس هى الحاضرة  فى السياسة، كانت فرچيل و ليفى و اوفيد هم الفن ، فترة لم يستطع المؤرخون الا ان يطلقوا عليها العصر الذهبى

اغسطس الذى لم ينقذ الرومان من احلام انطونيوس و مطامع كليوباترا فقط بل انقذها حتى من ديموقراطيتها و مؤسساتها الزائفة ...فجمع القضاء و العسكرية و الملكية -بكل خصائصه الا الاسم- و الحكم فى يد من حديد ، لتبدأ سلسلة طويلة من التهميش لمجلس الشيوخ

عهد ما بعد الحرب الذى لا يحمل فقط الرخاء للنفوس المتعبة بل يحمل ايضا المال الى الخزانات المرهقة ...و بسياسة اغسطس الاقتصادية بجمع بين الامان و الضرائب و حرية التجارة استطاعت انعاش الامبراطورية التى كادت تمزقها الثورات و الحروب

نعم مزق الرجل حياته الشخصية غير المستقرة و تمسكه -بل و تزمته- ناقض الحرية لبنات بيته ... و نعم مات اغسطس تعيسا متخيل انه فشل فى مسعاه و لم يدرك قط انه انجح من حكم الامبراطورية و ان الحلم صار ان تعاد تلك الايام فقط
********
و كعادة التاريخ معانا : تتنازل الشعوب عن حريتها لاجل ملكية ناجحة...لكن الاخيرة لا تدوم ليأتى الجيل الثانى من الملوك محدودى الامكانيات ، لتعيش روما كما عاشت شعوب كثيرة ما اسماه ديورانت: الوجة الأخر من الملكية

لتقرأ تاريخ تيبيروس حاكم مخلص فى البداية يفقد عقله فى النهاية لينتهى الامر بانفاسه تختنق بوسادة، كاليجولا المخبول الذى اثرى الادب و الهم المؤلفين كمثال اعلى لجنون السلطة ، و كلوديوس مؤسس الروتين الرومانى بما فيه من ملل و رشاوى لينتهى بالفطر المسموم ، ليتبعه نيرون القلق الذى عشق الغناء و الرياضة و اليونان و ما كره الا روما و الرومان و اللاتينية ل"يشعل"الخلاف التاريخى الشهير عن مسؤوليته عن حريق روما الاكبر  لينتهى منتحرا بمساعدة اصدقائه ، و اباطرة ثلاث فى نفس الوقت لتشتغل حرب اهلية قصيرة لتسحل قتلى الملوك بخطاف فى شوارع روما ، و دومتيان الامبراطور الذ عشق ان يكون اله فلا يخاطب الا ب"سيدنا و الهنا"ليقتل هو الاخر !

فترة من تاريخ روما و بالتالى العالم القديم شهدت التوسع و السلم الرومانى الشهير ...لكن ملوكها تعساء و قتلى و انصاف الهة اعلى من القانون ، ليحل الجيش و الحرس محل مجلس الشيوخ فى اختيار الحاكم القادم

تلك الفترة من ١٤ ل ٩٦ م التى اطلق عليها رغم كل شئ : العصر الفضى ، لترجع للفلسفة بعض من توهجها القديم و تتقدم العلوم  بعض الشئ و يلمع الفن

لينقلنا ديورانت الى المجلد ال١٧ بنبؤة تولى البلاهة عرش روما لتتمزق غشاء النظام الرقيق و يتحطم الحكم النبيل المزعزع الذى شادته عبقرية أغسطس

دينا نبيل
١٧ فبراير ٢٠١٥


هرطقات ٢ ل جورج طرابيشى

$
0
0

هرطقات ٢: العلمانية كأشكالية اسلامية اسلامية
تأليف: جورج طرابيشى
عدد الصفحات: ٢٤٩ صفحة
اصدارات دار الساقى
التقييم ٥/٤

يمنحنا جورج طرابيشى مرة أخرى كتاب متقن ، مكثف ، محدد....يهرطق كما اراد تلك التسمية فى هذا الجزء عن العلمانية كأشكالية اسلامية اسلامية

و هو رد مطول و مكبر لجحة كثرت الالسان باقولها حتى ملها الجميل ان العلمانية حل لمشكلة لا نمتلكها و انها صممت لمنع تحكم الكنيسة بالتحكم فى المجتمع و الاسلام لا يمتلك كنيسة اذا فنحن لسنا فى حاجة لها....و مقولة أخرى قيل لنا حتى اتهرئت ان العلمانية تتطبق فى الشرق فقط لحماية  "الاقلية"المسيحية فى بلادنا و انهم هم فقط المستفيدون من وجودها
***************
ليثبت لنا طرابيشى ان العلمانية حل لاشكالية اسلامية-اسلامية ايضا ، و كانت البداية المحور السنى - الشيعى

يستعين طرابيشى بكم ضخم من اقتباسات ل ابن كثير و ابن الاثير و السيوطى و غيرهم من مؤرخى الفترات الاسلامية ليثبت الخلاف التاريخى بين السنة و الشيعة و كيف تحول الخلاف السياسى الى دينى بامتياز

من عادات طرابيشى الاثيرة انه يكثر من المقدمات حتى يمل القارئ احيانا ، يطنب و يزيد و يكرر المقدمة تلو الاخرى و المثال وراء الاخر حتى اذا اطلق "اذن"بعد كل تلك ال"بما ان"لا يجد القارئ مجال للرفض مهما كان الحكم قاسيا او صادما و مغاير لرأيه الاصلى

و يطلق رأيه الذى يبدو للوهلة الاولى غريب:
"قد يكون هناك ما هو اخطر و افدح و ادوم اثرا من حرب الافعال هى حرب الاقوال ، فالدماء التى تسفك فى كل حرب فعلية قد تجف مع دفن القتيل و قد يسرى عليها قانون التقدام الزمنى فلا يبقى لها اثر من الذاكرة بعد جيلين او ثلاثة ، اما حرب الاقوال منذ اكتشاف تقنية الكتابة ، حرب قابلة للتجدد باستمرار و لا يسرى عليها قانون النسيان او التقادم"

تتخيل لوهلة ان دم القتلى و اعداد الضحايا مؤثر على القرار البشرى لكن فعلا -و الشكر ل طرابيشى- نتبين التأثير القاسى للكلمات ...و كأن عشرات الالاف من كتب التراث فى السب المتبادل بين السنة او النواصب كما يطلق عليهم الشيعة و بين الشيعة او الرافضة كما يطلق عليهم السنه ، ليست بكافية و عشرات الاوصاف ب "خنزيرية القلب"و "ابناء اليهود"و "السيف المغروز فى ظهر الاسلام"و ما تبعها من فتاوى القتل و تقطيع الاوصال و السبى و الحديث المتواصل المكثف الهوسى عن ثنائية "النجاسة و الطهارة"  لم تشفى الغليل ، حتى ظهرت اموال البترول عند الجزيرة العربية من جانب و ايران من جانب لتنعش السوق!

ثم تأتى التكنولوجيا و التواصل الاجتماعى على الشبكة العالمية التى بذل الانسان الحديث مجهوده ليصل اليها ليستخدمها الطرفين ك سلاح جديد لمواصلة الخلاف للتراثى فيما يصفه طرابيشى ب "عالم منفتح تكنولوجيا ، منغلق عقائديا و مذهبيا"

و هذا الهجوم "التقدمى"لزمه نوع اخر باثر رجعى فنرى احاديث منسوبة للنبى فى كتب السنة و الشيعة عن ذلك الخلاف الذى سيشتغل بعد موت النبى بسنين ، و يقدم نموذج النبؤة ك حل تخريجى للمشكلة ...و نجد ان واضع الحديث -و اظن ان المنطق وحده يدحض تلك الاحاديث دون الدخول فى دوامة السند و المتن- قد وضع على لسان النبى مصطلحات "النواصب"و "الرافضة"و هى فى حد ذاتها لاحقة على الخلاف ذاته...فى موضوع تناوله طرابيشى بجد و اجتهاد بل و تحليل رائع فى كتابه الاهم فى رأيى"النشأة المستأنفة" ..

بل ان الامر كان يمكن تشعبه لمحور شيعى-شيعى فنجد فتاوى فقهاء الاثنى عشرية ان من لم يصدق فى ال١٢ امام كامل فى حكم النواصب من حيث الكفر المبين فيضم لل"صفقة"الزيدية و  طوائف الشيعة الاخرى ....و ذلك منجم فكرى فى حد ذاته لولا ان طرابيشى فضل ان يذكرها كملاحظات عابرة فى الكتاب الذى بين يدينا
************
حدثتك قبلا عن عادة طرابيشى فى كثرة المقدمات ليرمى على الساحة استناجاته ...و ربما المثال الاوضح ان طرابيشى الذى ظل يسرد لنا صفحات من تراث الفقة و التاريخ طيلة ٩٠ صفحة الى ان يصل بالقارئ لحاجة التشبع ، حين ينطق بالاستناج المكتوب فى بعض وريقات يطيح بالقارئ و يواجه بالحقيقة الصادمة

يرى طرابيشى ليس فقط ان الديموقراطية ليست كافية بل ان العلمانية المعتادة لن تكفى الوطن العربى حتى...بطبيعة الامر الديموقراطية تلعب على وتر الصناديق و دائرة التحالفات و الخصوم و الاغلبيات المتغيرة فهى غير قابلة للتطبيق فى وضع تثبت فيه نسب السكان على اساس طائفى ، و يزيد -صاعقا القارئ قليلا- ان حتى العلمانية بشكلها الطبيعى ك فصل الدين عن الدولة لم يعد ممكنا فى ظل حالة الكراهية المتشعبة المتغلغلة فى تراثنا...ليصل الى استناج ان كى ننشأ مجتمع لا يفجر نفسه بنفسه سنحتاج الى ادخال العلمانية داخل الدين نفسه لتعيده الى طوره الاول ك تجربة روحية و وجدان فطرى منفصل مشاكل تراثه و خلافاته و كراهيته

و سطور قليلة الحجم كبيرة التأثير يشرح لنا طرابيشى لماذا وصل الامر تلك الحاجة الملحة لنكتشف ان ما اسماه "الاسلام الشعبى"اخذ فى الانحسار تاركا مساحات شاسعة للاسلام المؤدلج ليقحم تركة التراث التى تغاضى عنها الجميع كثيرا الى الساحة .....الاسلام الشعبى هو اسلام العامة و العموم و الذى بطبعه ارجع الاسلام -بجهل متعمد- الى اصوله الاولى ، متاخدا تلك الوسيلة ك حل بديل عن لفظ "العلمانية"سئ السمعة فى مجتمعنا
**************
الى هنا ينتهى "تألق"الكتاب و وحدته النوعية لنغرق فى سلسلة من المقالات المتفرقة ينقصها التركيز و يسود التشتت الموقف حين نقرأ مقالات متتالية عن علمانة تركية ، صفحات من مذاكرات عبد الرحمن بدوى و علاقته بالنازية و رد الرد ، مقال مبتسر عن الخلافة كان يستطيع استاذنا ان يجعله كتاب خاص تام لو اراد و الواضح انه لم يرد ، و شذرات عن الالتزام فى كتابات سارتر و خلافه

و يظل التشتت سيد الموقف -معى على الاقل- الى ان نصل لمقال رائع و بحث مكثف يخصصه طرابيشى وسط هرطقاته المتعددة عن ملف الاكراد و كيف فشلت علمانية تركيا ذاتها فى حل الموقف و يروى لنا عن انتفاضات الاكراد ال٣ و علاقتها بانقلابات تركيا العسكرية ...و يختم الفصل الرائع عن صعوبات تكوين دولة الاكراد و تكوين شخصية حقيقة للكردى حتى لو تجاوز المشاكل التأسيسية لها

بل و يتوقع عام ٢٠٠٧  وقت كتابة الكتاب عن شرطية وجود حرب اقليمية على الحدود السورية الايرانية التركية لتقام فعلا دولة الكرد
*************
اشبعنا طرابيشى فى كتابه الصغير من هرطقاته المنورة و كثف لنا مواضيع و افكار بطريقته الذكية فى عدد محدود من الصفحات تتطلع بها على جانب من هرطقات جورج طرابيشى...

دينا نبيل
١٩ فبراير ٢٠١٥

هرطقات ٢ ل جورج طرابيشى

$
0
0

هرطقات ٢: العلمانية كأشكالية اسلامية اسلامية
تأليف: جورج طرابيشى
عدد الصفحات: ٢٤٩ صفحة
اصدارات دار الساقى
التقييم ٥/٤

يمنحنا جورج طرابيشى مرة أخرى كتاب متقن ، مكثف ، محدد....يهرطق كما اراد تلك التسمية فى هذا الجزء عن العلمانية كأشكالية اسلامية اسلامية

و هو رد مطول و مكبر لجحة كثرت الالسان باقولها حتى ملها الجميل ان العلمانية حل لمشكلة لا نمتلكها و انها صممت لمنع تحكم الكنيسة بالتحكم فى المجتمع و الاسلام لا يمتلك كنيسة اذا فنحن لسنا فى حاجة لها....و مقولة أخرى قيل لنا حتى اتهرئت ان العلمانية تتطبق فى الشرق فقط لحماية  "الاقلية"المسيحية فى بلادنا و انهم هم فقط المستفيدون من وجودها
***************
ليثبت لنا طرابيشى ان العلمانية حل لاشكالية اسلامية-اسلامية ايضا ، و كانت البداية المحور السنى - الشيعى

يستعين طرابيشى بكم ضخم من اقتباسات ل ابن كثير و ابن الاثير و السيوطى و غيرهم من مؤرخى الفترات الاسلامية ليثبت الخلاف التاريخى بين السنة و الشيعة و كيف تحول الخلاف السياسى الى دينى بامتياز

من عادات طرابيشى الاثيرة انه يكثر من المقدمات حتى يمل القارئ احيانا ، يطنب و يزيد و يكرر المقدمة تلو الاخرى و المثال وراء الاخر حتى اذا اطلق "اذن"بعد كل تلك ال"بما ان"لا يجد القارئ مجال للرفض مهما كان الحكم قاسيا او صادما و مغاير لرأيه الاصلى

و يطلق رأيه الذى يبدو للوهلة الاولى غريب:
"قد يكون هناك ما هو اخطر و افدح و ادوم اثرا من حرب الافعال هى حرب الاقوال ، فالدماء التى تسفك فى كل حرب فعلية قد تجف مع دفن القتيل و قد يسرى عليها قانون التقدام الزمنى فلا يبقى لها اثر من الذاكرة بعد جيلين او ثلاثة ، اما حرب الاقوال منذ اكتشاف تقنية الكتابة ، حرب قابلة للتجدد باستمرار و لا يسرى عليها قانون النسيان او التقادم"

تتخيل لوهلة ان دم القتلى و اعداد الضحايا مؤثر على القرار البشرى لكن فعلا -و الشكر ل طرابيشى- نتبين التأثير القاسى للكلمات ...و كأن عشرات الالاف من كتب التراث فى السب المتبادل بين السنة او النواصب كما يطلق عليهم الشيعة و بين الشيعة او الرافضة كما يطلق عليهم السنه ، ليست بكافية و عشرات الاوصاف ب "خنزيرية القلب"و "ابناء اليهود"و "السيف المغروز فى ظهر الاسلام"و ما تبعها من فتاوى القتل و تقطيع الاوصال و السبى و الحديث المتواصل المكثف الهوسى عن ثنائية "النجاسة و الطهارة"  لم تشفى الغليل ، حتى ظهرت اموال البترول عند الجزيرة العربية من جانب و ايران من جانب لتنعش السوق!

ثم تأتى التكنولوجيا و التواصل الاجتماعى على الشبكة العالمية التى بذل الانسان الحديث مجهوده ليصل اليها ليستخدمها الطرفين ك سلاح جديد لمواصلة الخلاف للتراثى فيما يصفه طرابيشى ب "عالم منفتح تكنولوجيا ، منغلق عقائديا و مذهبيا"

و هذا الهجوم "التقدمى"لزمه نوع اخر باثر رجعى فنرى احاديث منسوبة للنبى فى كتب السنة و الشيعة عن ذلك الخلاف الذى سيشتغل بعد موت النبى بسنين ، و يقدم نموذج النبؤة ك حل تخريجى للمشكلة ...و نجد ان واضع الحديث -و اظن ان المنطق وحده يدحض تلك الاحاديث دون الدخول فى دوامة السند و المتن- قد وضع على لسان النبى مصطلحات "النواصب"و "الرافضة"و هى فى حد ذاتها لاحقة على الخلاف ذاته...فى موضوع تناوله طرابيشى بجد و اجتهاد بل و تحليل رائع فى كتابه الاهم فى رأيى"النشأة المستأنفة" ..

بل ان الامر كان يمكن تشعبه لمحور شيعى-شيعى فنجد فتاوى فقهاء الاثنى عشرية ان من لم يصدق فى ال١٢ امام كامل فى حكم النواصب من حيث الكفر المبين فيضم لل"صفقة"الزيدية و  طوائف الشيعة الاخرى ....و ذلك منجم فكرى فى حد ذاته لولا ان طرابيشى فضل ان يذكرها كملاحظات عابرة فى الكتاب الذى بين يدينا
************
حدثتك قبلا عن عادة طرابيشى فى كثرة المقدمات ليرمى على الساحة استناجاته ...و ربما المثال الاوضح ان طرابيشى الذى ظل يسرد لنا صفحات من تراث الفقة و التاريخ طيلة ٩٠ صفحة الى ان يصل بالقارئ لحاجة التشبع ، حين ينطق بالاستناج المكتوب فى بعض وريقات يطيح بالقارئ و يواجه بالحقيقة الصادمة

يرى طرابيشى ليس فقط ان الديموقراطية ليست كافية بل ان العلمانية المعتادة لن تكفى الوطن العربى حتى...بطبيعة الامر الديموقراطية تلعب على وتر الصناديق و دائرة التحالفات و الخصوم و الاغلبيات المتغيرة فهى غير قابلة للتطبيق فى وضع تثبت فيه نسب السكان على اساس طائفى ، و يزيد -صاعقا القارئ قليلا- ان حتى العلمانية بشكلها الطبيعى ك فصل الدين عن الدولة لم يعد ممكنا فى ظل حالة الكراهية المتشعبة المتغلغلة فى تراثنا...ليصل الى استناج ان كى ننشأ مجتمع لا يفجر نفسه بنفسه سنحتاج الى ادخال العلمانية داخل الدين نفسه لتعيده الى طوره الاول ك تجربة روحية و وجدان فطرى منفصل مشاكل تراثه و خلافاته و كراهيته

و سطور قليلة الحجم كبيرة التأثير يشرح لنا طرابيشى لماذا وصل الامر تلك الحاجة الملحة لنكتشف ان ما اسماه "الاسلام الشعبى"اخذ فى الانحسار تاركا مساحات شاسعة للاسلام المؤدلج ليقحم تركة التراث التى تغاضى عنها الجميع كثيرا الى الساحة .....الاسلام الشعبى هو اسلام العامة و العموم و الذى بطبعه ارجع الاسلام -بجهل متعمد- الى اصوله الاولى ، متاخدا تلك الوسيلة ك حل بديل عن لفظ "العلمانية"سئ السمعة فى مجتمعنا
**************
الى هنا ينتهى "تألق"الكتاب و وحدته النوعية لنغرق فى سلسلة من المقالات المتفرقة ينقصها التركيز و يسود التشتت الموقف حين نقرأ مقالات متتالية عن علمانة تركية ، صفحات من مذاكرات عبد الرحمن بدوى و علاقته بالنازية و رد الرد ، مقال مبتسر عن الخلافة كان يستطيع استاذنا ان يجعله كتاب خاص تام لو اراد و الواضح انه لم يرد ، و شذرات عن الالتزام فى كتابات سارتر و خلافه

و يظل التشتت سيد الموقف -معى على الاقل- الى ان نصل لمقال رائع و بحث مكثف يخصصه طرابيشى وسط هرطقاته المتعددة عن ملف الاكراد و كيف فشلت علمانية تركيا ذاتها فى حل الموقف و يروى لنا عن انتفاضات الاكراد ال٣ و علاقتها بانقلابات تركيا العسكرية ...و يختم الفصل الرائع عن صعوبات تكوين دولة الاكراد و تكوين شخصية حقيقة للكردى حتى لو تجاوز المشاكل التأسيسية لها

بل و يتوقع عام ٢٠٠٧  وقت كتابة الكتاب عن شرطية وجود حرب اقليمية على الحدود السورية الايرانية التركية لتقام فعلا دولة الكرد
*************
اشبعنا طرابيشى فى كتابه الصغير من هرطقاته المنورة و كثف لنا مواضيع و افكار بطريقته الذكية فى عدد محدود من الصفحات تتطلع بها على جانب من هرطقات جورج طرابيشى...

دينا نبيل
١٩ فبراير ٢٠١٥

الديانات فى افريقيا السوداء ل هوبير ديشان

$
0
0

اسم الكتاب: الديانات فى افريقيا السوداء
تأليف: هوبير ديشان
عدد الصفحات: ٢١٦ صفحة
اصدارات المركز القومى للترجمة
التقييم : ٥/٣

مواقع ضعف الكتاب ظاهرة لمن تحرى اولها ان مؤلفه من الطليعة المستعمرة بل و حاكم لمستعمرة الصومال ابان الاحتلال الفرنسى ، و ذلك وحده يورث فى القلب شئ ... بل ان استقاء المعلومات عن الديانات الافريقية من افواه قساوسة التبشير يضيف الى الامر مزيد من الريبة و الحذر ...

و على الرغم من كل ذلك و غيره نهتم بالكتاب و بالاطلاع عليه و ترجمته لاسباب عديدة : اولها الاحترام الذى يكنه المؤلف لتلك المناطق و القبائل و رغبته الظاهرة فى ازالة اوهام البدائية و الهمجية التى التصقت بعقول علماء اوروبا ، و اللهجة التقريرية الواضحة و كأنها تأريخ و توثيق للوضع الذى شهده المؤلف قبل ان يندثر او يتطور فنجده قلما يطرح رأيا للنقاش

اما حديث الكتاب نفسه عن الطوطم و انواعه ، ارتباط الانسان ال"بسيط"بالارض و بعناصر الطبيعة كالنار و الماء و المطر و خلافه ، السيطرة الابوية و منزلة الام ، و اختلاف نموذج الالهة و مجمع الالهات و انصاف الاله و سكون الروح و تباين ذلك من قبيلة لاخرى، و مفاهيم القرابين و التطهر  ...و غيرها من مواضيع الكتاب فمشهورة معروفة للمهتم بعلم لانثربولوجى عموما

لكن بداية من الفصل الرابع يبدأ التحليل و التفكيك و نتخلص من اللهجة التقريرية قليلا لنبدأ التفكير ...لتتم المقارنة بين الديانات الافريقية  و ديانات بحر ايجه اليونانية و اديان الرومان و مصر القديمة
*********
ثم يرصد دخول الاديان السماوية فى القارة ، ليخصص فصل كامل عن انتشار الاسلام و المسيحية فى القارة و تاريخ محاولات التعريب التى بدأت حتى قبل العصر الفاطمى

دينا نبيل
١٧ فبراير ٢٠١٥

الكشاف

$
0
0

حصيلة استعارة النهاردة من المكتبة العامة

قول بغض النظر عن شكلهم الضخم ، ان و انا فى الميكروباص كنت هاقع فالست اللى ورايا سندتنى و لمت لى الكتب و قالت لى ربنا نجحك يا بنتى ، و انهم فى المكتبة عندهم قناعه انا طالبة فى كلية الاداب و يوم ما رحت و على دراعى البالطو فضلوا يبصوا لى بشك ، ولا ان مصر كلها مشغولة بانها بتصدر كتب و نازلة المعرض و انا بس بحشر روحى فى سلاسل الكتب الطويلة اللى مبتخلصش

الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل و عيون الاقاويل فى وجوه التأويل ل كاتبه و مؤلفه محمود بن عمر الزمخشرى ...المعروف اعلاميا ب كشاف الزمخشر ، كتاب مهم رغم كل حاجة اتقالت و لسه هتتقال و لو ربنا قوى عزيمتى و خلانى انفذ خطتى و اقراه كامل يبقى ضيفت حاجة -مهمة- لرصيدى

شوف بقى لما كتاب لمؤلف معتزلى و كمان فيه خلافات على سند الاحاديث يكون فى المرتبة دى و ينتزع الاعتراف من لسان الخصم او العدو حتى فى مرحلة من مراحل التاريخ ، و من فرط جماله تتحط الهوامش للرد على اجزاء النزعة المعتزلية و السجال بالهوامش لفوق الالف صعبة هيكون مرهق بس ثرى ...و يضاف له تخريج الاحاديث عشان ميتحرمش القارئ من الدرر دى

مش معقول كل ما اجى اقرا تفسير يكتبوا (و قال صاحب الكشاف) و على ايه؟ ادى الكشاف و ادى الزمخشرى نفسهم ......و الاسلوب مش معقد زى ما انت متخيل

و طبعا القراءة الموازية للقصة الحضارة مكمل فى حاله ، غير ان الزمخشرى ب١٣٠ جنية و المجلد ده من قصة الحضارة ب٩٦ جنية و اخدناهم ببلاش ربنا يخلى لنا المكتبات العامة

قصة الحضارة ١٧: روما ٤

$
0
0

اسم الكتاب: روما ٤: الحضارة الرومانية...المجلد السابع عشر من قصة الحضارة
تأليف: وول ديورانت
ترجمة: محمد بدران
عدد الصفحات: ٢٦٤ صفحة
اصدارات دار نوبليس
التقييم: ٥/٣

المحطة الرابعة فى رحلتنا عبر تاريخ روما الكبير...فى مجلد تقل فيه "الاثارة"و تزيد الجرعة الاكاديمية التقليدية يقدم لنا ديورانت جانب من حياة روما الاجتماعية و الفنية ك النحت و التصوير و العمارة ، و كعادة الحضارة فالامر يبدأ بتعديلات على نموذج الحضارة السابق -فى حالتنا تلك بلاد اليونان- ثم يتطور لتكوين علامات خاصة بها تميزها عن غيرها و ربما تسلمها للحضارة التالية لتستمر تطور قصتنا

و لنرى تحول روما الى الابيقورية اخيرا بعد سنين الرواقية الطويلة قبل فتح اثينا خاصه لتتحول روما الى الترف و المجالدة و حقوق المرأة و زيادة مكانة الموسيقى و الالعاب و الثياب و الطعام و تنحدر اهمية الالهة او تتحول لشكليات محضة و مراسيم خالية من الروح و الاهمية ...ليتذكر القارئ موقف "كاتو"حين رأى مشارف تلك التغييرات قبل قرنين من الزمن فى مجلد سابق

و تتضمحل الثقافة بعد ليفى و اوفيد و جيلهم الذهبى بل و الفضى لترجع روما تتلمس ذكريات الفلسفة اليونانية القديمة و تنحدر كتب التاريخ لتتحول الى سير و معجزات و خرافات و ترتفع  لتصبح الاساليب المتكلفة او تنخفض لدرجة التخنث و الابتذال

ليصبح هم روما الوحيد هو المجالدين و تنتعتش النفوس من منظر الدم و تقطيع الاوصال و الرقاب و ليصبح مظهر الوحوش تقتل البشر او العكس هى رفاهية الرومان كما كان المسرح بملهاته و مأساته سلوى نظيرهم من اليونان قديما

لنصل الى الفصل الذى عبر صراحة ديورانت عنه "ليس فى هذا الفصل نفع لرجال القانون و ليس فيه لذة لغيرهم"و الامر حقيقى فعلا فالتفاصيل هنا جد اكاديمية و لا تثير شهية القارئ العادى على غير عادة ديورانت تماما معنا

و تهنأ روما بسلسلة الملوك الفلاسفة ك نيرفا ، تراجان، هدريان ، بيوس و  ماركس اورليوس ...لترتاح قليلا بحكم رشيد محكم معتبر بعد سلسلة ملوك الزعامة فى عصرها الفضى التى افنى التأمر و السم و الجنون اغلبهم ....الى ان يصل كمودس

لينتهى به عصر "الاباطرة الخمسة الجيدون"كما اطلق عليهم التاريخ...ليتهيأ العالم القديم بعد كثرة بحث و تخبط للمسيحية الوليدة و ليحمسنا ديورانت لننطلق الى المجلد ال١٨

دينا نبيل
٢٠ فبراير ٢٠١٥

قصة الحضارة ١٨: روما ٥

$
0
0

اسم الكتاب: روما ٥ : روما و الولايات...المجلد الثامن عشر من قصة الحضارة
تأليف: وول ديورانت
ترجمة: محمد بدران
عدد الصفحات: ٢٣٢ صفحة
اصدارات دار نوبليس
التقييم: ٥/٥

المجلد الخامس فى رحلتنا مع الرومان و فيه يفعل ديورانت ما يعيب عليه بعض النقاد و ما اراه الا ضرورة ...الا وهو عدم السير تبعا للتسلسل التاريخى

نعم انتهى المجلد الرابع بحوادث عام ١٩٢ ميلادى ، لكن المجلد الخامس يمر بتلك المرحلة الواسعه من ١٤٦ ق م الى ١٩٢ ميلادى ...لماذا؟ لان التاريخ مسرح ضخم يضم العديد من الاحداث فى نفس الوقت لكن العقل البشرى غير قادر على استيعاب ذلك و بهذا تتضح اكبر عيوب الدراما و فشلها فى المساواة بالواقع : لا يمكن وقوع حدثين متوازيين على خشبة واحدة ابدا...لذا لجأ ديورانت ان يحكى لنا تاريخ روما ذاتها مكثفا فى البداية ثم يخصص مجلد اخر لاحوال الولايات فى هذا الوقت

و يقسم ذلك لاقاليم : ايطاليا ، اوروبا ، اليونان ، الشرق الادنى ...و فلسطين
***************
فى ذلك العصر سترجع قرطاجة لتنتعش و تعيد و لو جزء من مجد قديم قبل مسح تاريخها ، تقتيل اهلها ، تمليح ارضها و اخيرا انزال اللعنة عليها...ربما لم يرجع مجد قرطاج القديم المستقل ايام هانبيال النبيل لكنها بفضل اغسطس عادت مركز للتجارة و لم يمض قرن على تأسيس المدينة الجديدة حتى اضحت اكبر مدائن الولايات الغريبة حسب تعبير ديورانت

و سنرى ان اسبانيا التى ظلت حبيسة للاستغلال عبر تاريخها ، و ظل تملكها للمعادن و البرونز كأنه لعنة عليها جعلتها مطمع لقرطاج و اليونان من قبل و روما من بعدهم...فكما كانت مصر سلة الغلال فكانت اسبانيا سبب غنى روما بالمعادن و اساس من دعامتها الاقتصادية ...و ربما فى مقابل استفادت اسبانيا من ذلك فتضاعف عدد مدنها و وسعت رقعتها و تهيأت لعصر لاحق عاشت فيه اجمل ايامها

و نرى فى ذلك المجلد اوروبا تتشكل امام عيوننا ، فنتعرف على بلاد الغالة التى عصت الى قدوم قيصر و صارت مصدر لصداع روما المتواصل لنرى فيها فرنسا الوليدة و بلجيكا و سويسرا ، و نسمع لاول مرة اسماء مرسيليا و ليون و نيس و غيرها...و فيها "تشذب"اللاتنية لتصبح الفرنسية

و بريطانيا تتحول من ثقافة الكلت القاسية الى "فنون الانسانية المهذبة"كما كانوا يدعون اللاتينية بطرز الرفاهية ...و يتساءل لاى حد نفذت الحضارة الرومانية فى روح بريطانيا؟ يرى ديورانت ان على الرغم من ان اللاتنية صارت لغة السياسة و القانون و الادب و الاقليات المتعلمة لكن اللسان الكلتى ظل يقاوم فى الريف و ربما مازال كذلك حتى الان فى ويلز  مثلا ...نعم عينت الصورة الرومانية للابجدية الانجليزية لكن ظل الامر احتلال مكروه صبروا عليه طمعا فى رخاء و سلم مثمر

و نتجول فى بلاد "البرابرة"التى عجزت روما و من قبلها اليونان فى غزوها لتمتلك ثقافة مختلفة عن ثنائية اليونانية-الرومانية الشهيرة رغم تطور اللغة الالمانية من الحروف القوطية التى نتجت ك تكييف من اليونانية ...لتجد ان هؤلاء البرابرة هم المانيا ، بلغاريا ، رومانيا ، الصرب ، النمسا ، بولندا المستقبلين ...عن تلك المنطقة التى صمدت طويلا عسكريا و ثقافيا الى ان شاخت روما و احتاجت رجالها و قوتهم فبدأ بانتشارها داخل روما ل"تبربرها"فيما بعد عصر تراچان
****************
لنصل الى مهد الحضارات الاول فنرى اليونان و مصر تحديدا و احتلالهم لمكانة "عزيز قوم ذل"ان صح التعبير فعطاء كل منهما للحضارة عموما و للثقافة التى صارت ملك للرومان تدخلت لترحم البلدين من كثير مما صار لبلاد اخرى و منحتهم قليلا من الحرية و الحكم الذاتى

و يخبرنا ديورانت بان "مصر بقيت خارج الاسكندرية محتفظة بمصريتها عابسة صامتة و قلما اصطبغ فيها شئ بالصبغة الرومانية"و ان "الاسكندرية كانت زعيمة العالم الهلنستى فى العلوم لا ينازعها فى هذة المكانة منازع"

لنأخذ جولة أخرى فى بلاد سوريا ، ايران ، تركيا ...
************
لييدأ ديورانت فى فصل طويل مهم عن اليهود و فلسطين

و للاسف يقع المترجم محمد بدران فى شرك المبالغة فى التعليقات و الهوامش و الاعتراضات على النص و افكاره و ارقامه و يتهم ديورانت بالتحييز و المبالغة و هو امر ينم على فشلنا فى الفصل بين مشاكلنا السياسية و بين الثقافة ليصر محمد بدران على تنصيب العداء بينه و بين يهود تلك الحقبة بأثر رجعى ، فطيلة ال١٨ مجلد تذكر اراء و ارقام تحمل قدر ما من المبالغة و لم يعترض قط محمد بدران الا على فصل اليهود و اليهودية فى تحسس غير مفهوم..
************
لكن فصل الكتاب الاهم -فى رأيى- فصل تيار الشرق الجارف الذى يتحلل فيه ديورانت من دوره المحايد ك مؤرخ ليرتدى قبعة المفكر ...ليقدم لنا تفسيره عن كيف تهيأ العالم للمسيحية؟

فى ذاك العصر خاصة القرن الثانى الميلادى حين اقرت الفلسفة بعجزها و تفشل حتى الرواقية فى سد خانة ايجاد سبب للاخلاق و الابيقورية فى سد رغبات البشر  ليحدث النكوص عن عصر الفلسفة ليدور التاريخ دورته المعتادة لترمى البشرية نفسها ثانية فى احضان الدين...و لكن اى دين؟

مزيج هائل ساد ذلك العصر فتجد تموز و ادونيس و مثراس و اوزريس  من جاب و ليديا و ايزيس و عشتار من جانب ...نموذج دائم عن الاله المقتول و الام الثكلى.. لم تكن الوثنية دين واحد بل عقائد متشابكة ، متناقضة ، متنافسة و كثيرا مختلطة

اديان وثنية متشابكة تمتلئ باحتفالات تطهر ، تضحية، موت للاله و بعثه ، و صوم و تقشف و طوائف من الصوفية

و ينهى ديورانت فصله المكثف البديع باقتباس اعذر لطوله:

"قد سما الناس في وقت من الأوقات بما كانوا يتوقعون له من عظمة وخلود، فجعلوهما مرتبطين بمجد الأسرة والقبيلة والإبقاء عليهما، ثم انتقلوا بهما إلى مجد الدولة التي كانت من صنعهم والتي هي نفوسهم مجتمعة. أما في الوقت الذي نتحدث فكانت الحدود الفاصلة بين القبائل تذوب في حركة السلم الجديد، ولم تكن الدولة الإمبراطوريّة تعبر إلا عن الطبقات العليا السائدة، ولم تكن تمثل جماهير الشعب التي لا حول لها ولا طول. وكان على رأس الدولة ملكية مطلقة تحول بين المواطن وبين اندماجه فيها واشتراكه في أعمالها

وكانت تخلق بعملها هذا الفردية في أسفلها وتشيعها بين الدهماء من السكان، وكان ما في الأديان الشرقية وما في المسيحية، التي أخذت منها خلاصتها ثم امتصتها وقضت عليها من وعد بالخلود الشخصي، وبالسعادة الدائمة بعد حياة المذلّة، والفاقة، والمحن، والكدح، كان هذا كله إغراء لا تستطيع الدهماء مقاومته، ولاح أن العالم كله أخذ يأتمر ليمهّد السبيل إلى المسيح"
************
اذا لا بد من الانتقال للمجلد ال١٩ لنشهد بداية التغيير الذى سيحل على العالم القديم

دينا نبيل
٢٤ فبراير ٢٠١٥

قصة الحضارة ١٩: روما ٦

$
0
0

اسم الكتاب: روما 6: ظهور المسيحية ..المجلد التاسع عشر من قصة الحضارة
تأليف: وول ديورانت
ترجمة: محمد بدران
عدد الصفحات: 263 صفحة
اصدارات: دار نوبليس
التقييم: 5/5

و اخيرا نصل الى المجلد النهائى لرحلة روما العظيمة التى سماها ديورانت بعصر قيصر و المسيح...فبعد كل ما مررنا به مع روما جاء وقتها لترحل كما رحل من قبلها و تسلم مشغل الحضارة لغيرها بعد ان أدت مهمتها

فى مجلد دسم يشمل تاريخ تلك البقعة لهامة من الكون بين عام 4 قبل الميلاد الى  سنه 325 ميلادى و كل التغييرات التى حدثت بها و غيرت شكل التاريخ و فرضت نفسها الى عصرنا هذا

علما من المجلدات ال5 الاولى ان الحضارة الرومانية كانت حضارة دولة و سياسة و حرب تاخذ من الدين داعم لعناصرها تلك الاساسية .. لكن اى دين؟ احيانا كان الامر واضحا بالهة الرومان القديمة المملة خالية من الابهار و النشوة كالهة اولمب اليونان , قلنا و نكرر اين جوبتر الممل من زيوس الذهبى و اين الانياذة من الالياذة؟ ...و احيانا لم يعد الامر واضحا بعد فتح اليونان و ايران و العراق و الاهم مصر فصار الدين الرومانى خليط من ديانات شرق و غرب تختلط و تتصارع احيانا و تمتزج امتزاج لطيف احيانا

ربما ظلت اليهودية على حالها القديم فلم تشجعها ولا تضطهدها الحكومات المتتالية لخصائص اليهودية الشهيرة فى الانغلاق و عدم اهتمامها لا بالتبشير ولا بالاشتراك الفعال فى المجتمع الا تجاريا...و حداث كما قرأنا ان اضيفت عبادة الاباطرة نفسهم لسد خانة الدين المعاون للدولة ...و ظلت روما محل لحرية العبادات عموما طالما لم يتعارض الامر مع الاشكال الشكلية لالهة روما القديمة التى احيلت للمعاش قبلها بعصور و مع النظام الامبراطورى

لكن بطول "السلم الرومانى"و اضمحلال الوثنية و ردائة الاباطرة جيل بعد جيل كان لابد من ان يبنى على اطلال كل هذا عصر جديد ....و كان عيسى
****************
يروى لنا ديورانت قصة عيسى , يسوع , المسيح...ذلك الرجل البسيط الذى ولد فى مقاطعة بعيدة لامبراطورية عظمى لا يقدر الشخص -مهما كان متشككا مثل ديورانت- الا ليبتسم و هو يقرأها

نعم...يبدأ ديورانت بقنابله الفكرية و يطرح السؤال الاكبر: "هل وجد المسيح حقا؟" , هل يمكننا الايمان بتاريخية المسيح من اصله؟ ام ان الامر كان من الممكن ان تكون خدعة اخرى من خدع التاريخ الكثيرة؟...ديورانت مؤرخ عقلانى لا يعترف الا بالدلائل لذا فالقارئ العادى "مسيحى كان ام مسلم"قد يصعق حين يرى ديورانت يقلب بين كتبه باحثا عن دليل , نعم ان ذلك القارئ يرتاح -قليلا- حين يطلق ديورانت حكمه بانه فعلا يعتقد بوجود ذلك الرجل المؤثر فى عصره البعيد و ان لا احد يستطيع ان يكون قصة متكاملة الاركان فى جيل واحد ...ربما يجب التنويه هنا ان البحث عن "تاريخية"الشخصيات امر لا يقتصر على المسيح فالامر قد اثير على شخصية ك بوذا بل و سقراط نفسه

يتشكك ديورانت فى مصادر الاناجيل و يكد فى البحث عن مصدر اخر لكنه كغيره من المؤرخين يجد شح واضح يدفعه دفعا الى القبول بالاناجيل احيانا كمصدر محاط بعلامات الاستفهام و خاضعا لقواعد التحليل و النقد

لكنه وسط كل ذلك يروى لنا -بكثير من التأثر- روعة ذلك الرجل الناصرى و تفاصيل حياته القصيرة التى لم يختلف عليها كثيرا , و موته الذى قسم العالم الى الان الى شيع يصعب حصرها
*************
لكن برنارد شو ذو اللسان الحاد قد اعلنها من قبل بان "المسيح لم يكن مسيحيا" ... لذا فحين يكون محور الحديث المسيحية نفسها يكون مركز الحديث هم الرسل فى المقام الاول...فنجد ان تفاصيل حياة يوحنا , بطرس و -قطعا- بولس اكثر اهمية فى تحليل كيف وصلت لنا تلك المسيحية هنا فى عصرنا

لذا فنحن لا نتعجب ان يفرد ديورانت 4 فصول كاملة لشرح حياة بولس و شخصيته مثيرة للاهتمام و مراحلها ك: مضطهد لغيره , مبشر , عالم دينى و اخيرا ك شهيد...و ب بولس يتكمل تحول اليرقة الى فراشة و انفصال شبه تام للمسيحية عن اليهودية

لكن تلك البساطة لم تعد  متاحة بعدد عام 96 لتظهر -بالضرورة- التشيع و الطوائف و الفصائل التى لم تكتفى بالعزلة عن غيرها بل تطور الامر الى "تكفير"الطرف الاخر...فنسمع عن الارديه و المانوية و المرسيونية و المتخيلة و اتبع بولس  السموساتى و الظاهرية و السابلية غيرها , و تشعب المسيحين حين تكلموا عن طبيعة المسيح و عن الثالوث و عن القيامة و عن التعميد و عن تقريبا كل شئ...تشعب دفع ديورانت لكن يعلن ان المسيحين فى القرون الثلاثة الاولى قد انقسموا الى مائة عقيدة و عقيدة تجعل حتى ذكر اسماء تلك العقائد التى اجهضتها الكنيسة الاساسية واحدة بعد الاخرى امر يجعل منه -اى ديورانت- جاهل بالغرض من كتابة التاريخ نفسه

و عاشت المسيحية و ازدهرت فى السلم الرومانى و فى ظل امبراطور يعبد  بعل و حتى وسط اضطهاد دقلديوس ...و عاش الدين بينما كانت تحتضر الدولة
*************
انتهى المجلد الرابع بانتهاء حكم "الاباطرة الخمسة الجيدين"و تولى و موت كادموس قبل ان يتوقف ديورانت المجلد الخامس كله و نصف السادس يهيأ لنا الموقف و يوصف لنا روما الفن و الدين و الادب و القانون لنرجع بعد تلك الجملة الاعتراضية الضخمة الى لحظة موت كادموس...

لم تعد روما جمهورية ، ولا قيصرية ، ولا الجريكية، ولا حتى ارستوقراطية بل ولا حتى ملكية ...ضاعت الديموقراطية على يد اغسطس ليكون زعامة متينة تزعزعت حينا و صمدت حينا الى ان وصلت روما العظيمة الى ذلك اليوم الذى يباع فيه كرسى الامبراطور لمن يشترى و من يدفع اكثر..

يجتمع مجلس الشيوخ فاقد الاهمية و السلطات عام ١٩٣ م ليختار خليفة الامبراطور المقتول ليعين "برتناكس"الصالح ليقلل الانفاق و يخفض الضرائب ...ليقتله بعد ٣ شهور على يد حرسه و تحمل رأسه على طرف الرمح و يعلن قواد الحرس ان التاج لمن يمنحهم اكبر عطاء...ليبدأ المزاد ب٣٠٠٠ درخمة لكل جندى ليصل جليانس بالعطاء الى ٦٢٥٠ درخمة للجندى الواحد ، ليحدث لاول مرة ان يثور اهل روما و يناشدوا فيالق روما فى اطراف الامبراطورية لخلع جليانس و بالفعل يستجيب الجيش او لنقل الجيوش

لكن الامر لم يكن بتلك البساطة فالاستجابة لم تكن لاسباب وطنية بل لغضب هؤلاء من حرمانهم من المال و قصر تلك الرشوى على قواد جيش روما العاصمة دون غيرها ..ليتعقد الموقف حين يصر كل جيش من الجيوش على تولى قائده الامبراطورية ليضاف الى ذلة اهل روما : حرب اهلية...و كما بدأت بالرشوى انتهت بالرشوى ليقتل جليانس باكيا مذعورا و يتولى "لوسيوس سيتميوس سڤيرس جيتا"قائد جيش بنونيا بعهد ان يدفع ١٢.٠٠٠ درخمة للجندى الواحد

و فى خضم الحرب الاهلية يختار مجلس الشيوخ الجانب الخاطئ فأيد خصم و منافس لوسيوس ، ليكون مصيره اعدام عشرات من اعضاءه و مصادره املاك الباقى و ملأ الفراغ باعضاء من اقاليم امبراطورية لتتجاهل العاصمة لاول مرة و بذلك يختفى مجلس الشيوخ الذى اصابه الوهن اصلا من خريطة تاريخ الديموقراطية

و يضرب ب لوسيوس ، كركلا ، ألجابالس...الاباطرة ال٣ المتتالية المثل بفشل منظومة فرض الدين من السلطة على الشعب ، فينما كانت المسيحية تنتشر عبر قاعدة الجماهير و بحلم بالوصول الى الاغنياء و الحكام ، حلم الحكام ال٣ بفرض عبادة بعل الشرقى على روما و اقامة المعابد له و محاولة استبدال جوبيتر و الهة الرومان التقليدية

و حاول ألجابالس متأخرا جدا ان يكون معبد تعبد فيه كل الاديان فتوضع صور جوبيتر و ارفيوس  و ابراهيم و المسيح فيه ، و اعادة مجلس الشيوخ...فاستغل الفرس و الالمان الامبراطور الفيلسوف القديس و هجموا على الاطراف المنهكة  ليحاول رأس الدولة الهادئ ان يتجه للسلم فما كان من جنوده الا ان قتلوه فى خيمته

لكن الوقت لم يكن عصر الوثنية عموما لا بعل ولا غيره...و لم يكن وقت فلسفة ولا عصر الديموقراطية ، كانت الاعوام بعد ٢٣٥ م هى عصور الفوضى
*************
عصر الفوضى الذى ان اردنا تلخيصه فى جمله من جمل ديورانت ستكون تلك:
( ولسنا نريد أن نذكر بالتفصيل الممل أسماء الأباطرة الذين جلسوا على العرش في هذا العصر الدموي الذي سادته الفوضى، ولا أن نذكر وقائعهم الحربية وقتلهم ومماتهم. وحسبنا أن نقول إن سبعة وثلاثين رجلاً نودي بهم أباطرة في الخمسة والثلاثين عاماً الواقعة بين حكم الاسكندر سفيرس وأورليان )

لتتهاوى الامم على الرومان و اطراف الامبراطورية المنهكة من جانب و تمزق روما الخلافات من داخلها لتتكون حكومة رباعية الاطراف تتنازع كثيرا و تتقاتل اكثر فيؤدى الامر ان تنقسم السفينة الغارقة اخيرا...فتتكون الامبراطورية الشرقية و الغرببة تحت قيادة قسطنين المسيحى تاركا عاصمته القديمة و يكون له مدينة يكون لها شأن فى زمن أخر  او بوصف ديورانت نفسه :
"اضطر قسطنين ان يكون اكثر تصميما من ذى قبل على التحالف مع المسيحية ، و هكذا بدأت حضارة جديدة ، مؤسسة على دين جديد ، تقوم على أنقاض ثقافة مضعضعة و عقيدة محتضرة....لقد بدأت العصور الوسطى"

و بعد اعلان ديورانت لدخولنا العصور الوسطى ينهى كتابه القيم الثرى بشكر للقارئ الصبور الى وصل لهذا الحد...انتهت قصة روما لكن لم تنتهى الحضارة ولا قصتها ، اذا فلا محالة من الانطلاق للمجلد ال٢٠ لتبدأ العصور الوسطى او عصر الايمان كما اسماه ديورانت

دينا نبيل
٥ مارس ٢٠١٥


فى طريق الاذى ل يسرى فودة

$
0
0

اسم الكتاب: فى طريق الاذى
تأليف: يسرى فودة
عدد الصفحات: ٢٢٨ صفحة
اصدارات دار الشروق
التقييم: ٥/٢

من الوهلة الاولى مع كتاب يسرى فودة الجديد قفز لذهنى سؤالين الاول شكلى بحت و الاخر فى صلب الموضوع...فاما الاول فلماذا حظى هذا الغلاف بتلك الصورة المريعة برضا مؤلف الكتاب المجتهد و مصمم الغلاف الشهير و دار النشر الناجحة؟....و الاخر لماذا الان؟

الكتاب مقسم الى قسمين مفصلين الاول عن رحلة يسرى فودة فى اوكار القاعدة ٢٠٠٣ و تصويره للقاءات مع قيادتها ، و الاخر فى محاولته لدخول مناطق العراق و سوريا ابان ٢٠٠٦...و كما ترى فالاحداث الاول كان من ١٢ عام و الاخر الاكثر حداثة كان من ٩ اعوام كاملة...فلماذا الان؟

١٢ عام تنهى الشغف مهما كان ضخامة الحدث...الحديث عن القاعدة و جولاتها فى بلاد الافغان و باكستان  اصبحت مستهلكا بالتأكيد ، بعيد عن ردار القارئ بعد ظهور ال"موضة"الاحداث...نعم ربط القاعدة و داعش قياديا و تنظيميا شئ معروف لكن يخبو الاهتمام بقصص "مجاهدين"بلاد اسيا الوسطى وسط فوضى الشرق الاوسط الحالية

قصة يسرى فودة التى تبدو باهتة الان كانت ستكون محط الاهتمام من العالم كله اذا نشرت قبل عقد من الان..قصة الصحفى الوحيد فى العالم الذى حظى بمقابلة قيادات القاعدة قبل القبض عليهم و وسط اوكارهم و بشروطهم الخاصة فى الوقت الذى كانت مخابرات العالم كله تدور حول نفسها بحثا عنهم

لكن غصة الحديث بلسان الجزيرة مازال فى الحلق...اختيار القاعدة لصحفيين الجزيرة خاصة دون غيرهم ، تبرئة يسرى فودة و الجزيرة فى بيان رسمى من القاعدة من "شبهة"تورطهم فى القبض على قياداتها ، بل و معضلة ارتباط الصحافة بالارهابيين من اصله  و تسخير الفضائيات  و خلافه لهم....

الاسم منبر للرأى الاخر و اعرف عدوك ....و الفعل رغبه فى زيادة الاعلانات و نسب المشاهدة...و النتيجة تكوين منبر واسع الانتشار للارهاب و التطرف ...هذا  رأيى باختصار

تبقى طريقة السرد بصيغة الحاضر تفسد الامر...نهايات تشويق "مبتذلة"للفصول...اصرار على صيغة روائية، مصحوب شرح قصير "جدا"لملابسات التاريخية و كأن الكتاب موجه للترجمة فى الاصل ....غير الوقوع -كثيرا- فى خطيئة التمركز حول الذات و استغلال الكتاب للرد على الصحفيين الاخريين و كل من انتقد "الخبطة الصحفية"انذاك
*************
اما الشق الأخر من الكتاب هو رحلة فودة الى سوريا-العراق لتلبية دعوة تصوير لخطط "الجيش الاسلامى فى العراق"العسكرية و اصطحاب فودة شخصيا لتنفيذ تلك العملية

فصل يحتوى على كثير من التفاصيل المثيرة المملة فى نفس الوقت و محاولة من يسرى ل"تحليل"اسباب الارهاب جاءت مقتضبة و متسرعة فى عمومها

و ب"موضة"داعش يجد يسرى فودة ملجأ لتسويق قصصه القديمة عن القاعدة و الدولة الاسلامية فى العراق على طريقة اعادة التدوير....

للتحميل
http://books.ibtesama.com/dldvhb62114.pdf.html
دينا نبيل
٢ مارس ٢٠١٥

التكليف و سنينه

$
0
0

و بقى مصدر النشوة الوحيد عندى هو صوت ختم النسر بينزل على ورقى بعد لفة الشخروميت امضاء من كل موظفين المبنى

انا بقيت بحلم بالاختام ...يعنى مثلا امبارح الحلم كله كان انى فى واقفة فى طابور يوم القيامة مستنية امضاء ٢ ملايكة و ختم النسر قبل ما ادخل الجنة و انا واقفة ازعق من روتين ال٢ ملايكة و ليه مش واحد بس يعنى؟  ان السما كمان فيها ختم نسر !

داخلة اسجل رغبات التكليف على جهاز اختى عشان مش عارفة اظبطه على التابلت , سلك الماوس قصير جدا مش عارفه اتحرك و حاطه الهيدفون اللى سلكها بيعلق يعنى لازم اثبت دماغى و الا الصوت بيقطع , مشغله اغانى عمرو دياب القديمة و اذ فجأة كده اكتشفت ان اغنية ميال ميال لطيفة جدا و لو انى مش عارفه اتحرك و اتجاوب مع الاغنية....فاتحة يجى ميت tab و بين لخبطة الجهات الخارجية و مستشفيات الامانة و بنوك الدم و الوحدات الصحية القريبة و النائية و احلام التخصص بتطير و معاها احلام الاستقلال المادى عن العائلة و مفاضلى الماجستير القريب ولا المرتب الاحسن ولا تخصص الاحلام اكتشفت انى تايهة و النهاردة اخر يوم فى التسجيل......اه هو انا قلت كمان ان "ميال ميال"حلوة؟!

و ليه تقوم تخلص اللى وراك و تنجز ورقك بينما ممكن تقعد فى البيت تأنب روحك و تعمل قائمة باللى المفروض تعمله؟!

دينا: ١
المنطق: صفر

اعطنى حريتى اطلق يديا ، اننى اعطيت -عليا الطلاق بالتلاته و الله العظيم و  النعمه و اللى خلقنى و خلقك - ما استبقيت شئ ...

قواعد الريفيو اللى مش اربعون

$
0
0

قواعد كتاب الريفيو اللى مش اربعون:

1- خد ملاحظات اول باول و انت بتقرا ، حتى لو جمل قصيرة

٢- بعد ما تخلص مخك هياخد الجمل دى و يوسعها و يضيف ليها رأيك و هتطلع قطع اكبر

٣-اكتب الريفيو بعد ما تخلص الكتاب بحد اقصى يومين بعدها مش بس افكارك عن الكتاب هتطير بس هتكون اتشغلت بحاجات تانية و احتمال الريفيو ميتكبتش اصلا

٤- حط فى الريفيو القدر المناسب من اقتباسات للعمل بلاش قطع طويلة تزعج القارئ

٥- اوعى اوعى تحط  اجزاء تكشف حبكة الكتاب/الرواية ، اللى بيحرق كتاب لقارئ ربنا هيعمل فيه حاجات وحشة

٦-خلى الريفيو مريح بصريا ، خلى القطع مقسمة و لو فى صور يبقى حجمها كويس...شكليات بس بتفرق  جدا

٧-لو بستخدم جودريدز استخدم الخط للعريض و الخطوط و اقتباسات مصورة

٨-قول رأيك بتفاصيله ، كلمات عامة زى حلو و وحش عادة مش كفاية

٩- حاول تلخص فى رأيك القارئ التالى لازم يقرا الكتاب ليه او مش لازم ليه

١٠- حط علاماتك الشخصية و انت فى الريفيو ، قريته ورق ولا بى دى اف ، متقطع ولا متواصل ، استعارة ولا ملكك ، صورة نسختك مثلا

١١-انت مخك مش دفتر ، الريفيو ده ليك كمان مش لصحابك بس

١٢-ملف ورد جنب ملف البى دى اف لو انت على كمبيوتر حل كويس...و لو بتقرا باندرويد ابلكيشن Evernote مثالى

١٣-الريفيو مش كتاب مينفعش يبقى ١٢ صفحة و مش قصوصة مينفعش يبقى سطرين

١٤-الريفيو بتاعك مفيد للقارئ و الكاتب و ليك

١٥-الريفيوهات زى الشمعدان كل ما هتحبه هيحبك كمان و كمان....هتتحسن مع الوقت

١٦-فى الروايات علق على اللغة ، الحبكة ، السرد ، الشخصيات ، الترجمة  ...حتى لو على قدك

١٧- فى الكتب الفكرية علق على الحياد ، التناول ، المقدمات اللى قالها المؤلف ماشية مع النتائج و الاستناج اللى طلعه ولا لا

١٨-التقييم   بالارقام بس مش كفاية 

١٩-استخدم قدراتك النقدية ،انتقد ، حلل ، قارن  ،و  علق

٢٠-اكتب ريفيو ...

الساحرة الطيبة

$
0
0

دينا: لو سمحتى يا دكتورة عايزة حضرتك تمضى لى فى اللوج بوك انى كنت بحضر الراوند

صوت داخلى ١: الدكتورة دى لا عمرى شفتها و لا هى شافتنى و لا انا حضرت معاها ابدا ، غالبا هترفض ...عندها حق بصراحة

دكتورة ٢: واقفة ليه يا دكتورة؟! اقعدى استريحى

صوت داخلى ٢: ها؟! هى قالت يا دكتورة و اقعدى فى جملة واحدة؟! اول مرة حد يحترمنى يا جدعان ، لا بس عجبانى شعرها ابيض و سايباه من غير صبغة و انا بحترم ده قوى فى الستات ...صليب دهب صغير على بلوزة بيضا و جيبة سودا انيقة ...هى هترفض بس لطيفة

دكتورة ٢: هو المفروض ان رئيس القسم اللى يمضى هو منبه على كده

دينا: خلاص مش مشكلة يا دكتور

دكتورة ٢: بس هاقولك انا هامضى لك بالنيابة عنه و اختم لك باسمى و هما هيمشوها ليكى و لو حصلت اى مشكلة قولى لهم اسمى و هما هيرضوا...و لو حصل اى حاجة تعالى لى...انتى كده خلصتنى الامتياز صح؟

دينا: ها؟! اه الحمد لله و بخلص الورق

دكتورة ٢: ربنا معاكى يا رب و زى ما قلت لك اى حاجة قولى لهم اسمى

دينا: "تحاول اغلاق فمها"اه اه الف شكر يا دكتور

صوت داخلى ٣: ايه اللى حصل ده؟!!!!!

دوخينى يا لمونة

$
0
0

- يا بيه انا ورايا بقى روتين بنت هرمه الشهر ده و اللى جاى عشان اخلص ورق الامتياز , و الناس بتشترى زبالة من معرض الكتاب و تصورها و الاسم كتب , و الغيطانى بيكتب حلو قوى و محدش بيقرا له , و خايفه على الابنودى يموت و اتقهر لو ولاد الكلاب شمتوا فيه زى يوم احمد فؤاد نجم , و نجيب محفوظ بيثبت لى كل يوم ان تلت اربع المؤلفين بيكتبوا حمادة بالجنزبيل , و افلام الاوسكار مش حلوة السنه دى , و بحاول اعلم امى تشتغل على موبايل تاتش , و لحد دلوقتى مش عارفه الفرق بين الاى لينر و الكحل , و لسه بقلب الشباشب المقلوبة مش عارفه ليييييه , انت رحت فين يا بيه؟

- .......

- طب واسطه فى الصحه و انا هاتصرف فى الباقى :D

Viewing all 760 articles
Browse latest View live